الذكرى السادسة للتدخل الروسي ضد إرادة الشعب السوري..


محلل عسكري واستراتيجي
إن انهيار الاتحاد السوفييتي وعودة روسيا إلى دولة من الدرجة الثانية سياسيا واقتصاديا على المستوى العالمي، ووصول حلف الناتو إلى حدودها ووقوع خلافات مع دول كانت ضمن المنظومة السوفييتية كأوكرانيا وجورجيا كشف عن ضعف وهزالة روسيا التي أرادت أن ترث الاتحاد السوفييتي.
أما في منطقتنا العربية خسرت في ليبيا والعراق عقود النفط والغاز وغير ذلك من النفوذ بعد التدخل الغربي في هذه الدول ولم تكن علاقتها بباقي الدول كما يريد الساسة الروس وخاصة بوتين رجل الkJB الذي صعد إلى الحكم بالقوة بعد أن قصف البرلمان بالدبابات وإزاحة يلتسين الرئيس الضعيف.
لقد شكلت الثورة السورية نقطة تحول في توجه روسيا وصعودها نحو العالمية مرة أخرى فقد خسر نظام أسد أمام جماهير الثورة، وتقوقع في مدن محاصرة بعد أن اختار الحسم العسكري، وشن حربا ضد الشعب الثائر ورفع شعار الأسد أو نحرق البلد.
هذه الخسارة كانت لنظام الأسد وجيشه وعصاباته ولميليشيات إيران التي تدخلت مبكرا وشكلت غرفة عمليات بقيادة “الخامنائي” ورأس الحربة “سليماني” الذي حشد القوى وجلب الفاطميون والزينبيون وحزب الله وغيرهم من العراق ولكنهم تكبدوا الخسائر الجسيمة ولم يغيروا كثيرا في الميدان حتى بات الجيش الحر يسيطر على مساحات واسعة جدا وكانت معارك جيش الفتح في الشمال والسيطرة على محافظة إدلب وتهديد المواقع الحساسة للنظام في جورين والاقتراب من الساحل بعد السيطرة على جسر الشغور في معركة النصر.
أما في الجنوب فكانت معركة “الله غالب” و”الله أعلى وأجل” ونجاح التخطيط الميداني لجيش الإسلام وفيلق الرحمن والسيطرة على مواقع عديدة منها المقر التبادلي الاستراتيجي وقطع شريان الإمداد لدمشق بالسيطرة على طريق حمص لمسافة 20كيلو متر، والسيطرة على التلال الاستراتيجية المطلة على الضاحية وأجزاء دمشق الشمالية.
هذا الوضع جعل سليماني وملالي قم يستدعون الروس الذين ينتظرون الفرصة للخروج من العزلة التي وضعوا فيها بعد انهيار السوفييت
دخل الروس بدواعي محاربة الإرهاب في الثلاثين من أيلول 2015 عسكريا واتخذوا لهم قاعدتين بحرية في طرطوس وجوية في حميميم ونشروا طائراتهم وأسلحتهم وسفنهم في البحر ليشنوا حربا شرسة ضد الشعب السوري وثواره، وكانت نسبة قصفهم للمعارضة المعتدلة وفق التوصيف الجديد ما بين 90%إلى 94%من نسبة الأهداف.
ولم يتركوا فرصة إلا و استخدموا قواتهم الجوية والبحرية في قصف المدنيين فقصفوا المشافي والأفران والأسواق والقرى ووفق إحصائية للمنظمات العاملة في سوريا قتلوا أكثر 12000مدني وجربوا 320نوع من أسلحتهم كما قال وزير دفاعهم سيرغي شويغو، وشنوا بحدود 100 ألف غارة جوية وقصف صاروخي عدا عن تزويدهم نظام أسد بالأسلحة الفتاكة، وسياسياً صوتوا في مجلس الأمن بالفيتو ضد أي قرار لإنصاف الشعب السوري ثلاثة عشر مرة.
واليوم بعد مرور ستة أعوام على تدخلهم العسكري الذي أصبح احتلالا لسوريا فهم من يعقد الصفقات ويفاوض بإسم سوريا وهم من يضغط على الدول لإعادة العلاقات السياسية والإقتصادية مع نظام مجرم استخدم الكيماوي عشرات المرات ضد شعب يريد أن يعيش بكرامة ويتمتع بحقوقه وحريته.
لم يكن للروس أن يفعلوا مافعلوه لولا التهاون الدولي والعربي وربما المشاركة في قتل جهود شعب قدم مليون شهيد وتم تهجير أكثر من 12 مليون رفضوا الذل والهوان والعيش في حظيرة الأسد وفي ظل احتلالات متعددة حيث بلغ عدد المواقع العسكرية الأجنبية 542موقع ولايزال هناك من يتكلم عن السيادة المزعومة.
سوريا تحت الاحتلالات وشعبها وحده من يستطيع تحريرها وتغيير الواقع من خلال قيادة سياسية وطنية فاعلة ومقاومة تستطيع خلق واقع ميداني فاعل ومؤثر في تغيير شكل المعركة مما يتيح تكرار أفغانستان أخرى للروس.
مقالات الرأي تعبّر عن وجهة نظر كاتبها، وليس بالضرورة أن تعبر عن وجهة نظر وكالة المصدر